إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها ، وإذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من سكر ، وإذا أهدى لك ثعبانا فخذ جلده الثمين واترك باقيه ، وإذا لدغتك عقرب فاعلم أنه مصل واق ومناعة حصينة ضد سم الحيات ، تكيف في ظرفك القاسي ، لتخرج لنا منه زهرا ووردا وياسمينا ﴿ وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ﴾.
----------------(لاتحزن)----
انطلق على هيئتك وسجيتك ﴿ قد علم كل أناس مشربهم ﴾ ، ﴿ ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ﴾ عش كما خلقت لا تغير صوتك ، لا تبدل نبرتك ، لا تخالف مشيتك ، هذب نفسك بالوحي ، ولكن لا تلغ وجودك وتقتل استقلالك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا وطعمك هذا ؛ لأنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا ((لا يكن أحدكم إمعة)) .
---------(لاتحزن)----------إن توزيع البسمات المشرقة على فقراء الأخلاق صدقة جارية في عالم القيم ( ولو أن تلقى أخاك بوجه طلقِ ) وإن عبوس الوجه إعلان حرب ضروس على الآخرين لا يعلم قيامها إلا علام الغيوب .
---------(لاتحزن)-----------فإذا طاف بك طائف من هم أو ألم بك غم فامنح غيرك معروفا وأسد له جميلا تجد الفرج والراحة. أعط محروما ، انصر مظلوما ، أنقذ مكروبا ، أطعم جائعا ، عد مريضا ، أعن منكوبا ، تجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك.
--------(لاتحزن)------------اعمل الخير لوجه الله ؛ لأنك الفائز على كل حال ، ثم لا يضرك غمط من غمطك ، ولا جحود من جحدك ، واحمد الله لأنك المحسن ، واليد العليا خير من اليد السفلى ﴿ إنما نطعمكم لوجه اللَّه لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ﴾ .
---------(لاتحزن)-----------إن الجالس على الأرض لا يسقط ، وبعض الناس لا يرفسون كلبا ميتا ، لكنهم يغضبون عليك لأنك فقتهم صلاحا ، أو علما ، أو أدبا ، أو مالا ، فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونعم الله عليك ، وتنخلع من كل صفات الحمد ، وتنسلخ من كل معاني النبل ، وتبقى بليدا ! غبيا ، صفرا محطما ، مكدودا ، هذا ما يريدونه بالضبط ، إذا فاصمد لكلام هؤلاء ونقدهم وكن كالصخرة الصامتة المهيبة تتكسر عليها حبات البرد لتثبت وجودها وقدرتها على البقاء.
---------(لاتحزن)-----------اترك المستقبل حتى يأتي﴿ أتى أَمر الله فلا تستعجلوه ﴾ لا تستبق الأحداث ، أتريد إجهاض الحمل قبل تمامه؟! وقطف الثمرة قبل النضج ؟! إن غدا مفقود لا حقيقة له ، ليس له وجود ، ولا طعم ، ولا لون ، فلماذا نشغل أنفسنا به.
--------(لاتحزن)-----------لليوم فقط سأعيش فأجتهد في طاعة ربي ، وتأدية صلاتي على أكمل وجه ، والتزود بالنوافل ، وتعاهد مصحفي ، والنظر في كتبي ، وحفظ فائدة ، ومطالعة كتاب نافع .
--------(لاتحزن)-----------إن عليك أن تكتب على لوح قلبك عبارة واحدة تجعلها أيضا على مكتبك تقول العبارة : (يومك يومك). إذا أكلت خبزا حارا شهيا هذا اليوم فهل يضرك خبز الأمس الجاف الرديء ، أو خبز غد الغائب المنتظر .
--------(لاتحزن)------------الرضا غنى وأمن :
ومن ملأ قلبه من الرضا بالقدر ، ملأ الله صدره غنى وأمنا وقناعة ، وفرغ قلبه لمحبته والإنابِة إليه ، والتوكل عليه . ومن فاته حظه من الرضا ، امتلأ قلبه بضد ذلك ، واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه .
--------(لاتحزن)------------هكذا يفعل النبلاء ، يصارعون الملمات ويطرحون النكبات أرضا.
دخلوا على أبي بكر رضي الله عنه وهو مريض ، قالوا : ألا ندعو لك طبيبا ؟ قال : الطبيب قد رآني . قالوا : فماذا قال ؟ قال : يقول : إني فعال لما أريد .
-------(لاتحزن)-------------طالع سجل العالم المشهود ، فإذا في فصوله قصة أب ربى ابنه وغذاه وكساه وأطعمه وسقاه ، وأدبه ، وعلمه ، سهر لينام ، وجاع ليشبع ، وتعِب ليرتاح ، فلما طر شارب هذا الابن وقوي ساعده ، أصبح لوالده كالكلب العقور ، استخفافا ، ازدراء ، مقتا ، عقوقا صارخا ، عذابا وبيلا .
--------(لاتحزن)------------كن سعيدا
قدر أسوأ الاحتمال ثم تعامل معه لو وقع .
تخلص من عقدة المؤامرة وانتظار المكاره .
--------(لاتحزن)-----------( قَال رب اشرح لي صدري ، ويسر لي أمري ) فأرى النور أمامي ، وأحس الهدى بقلبي ، وأمسك الحبل بيدي ، وأنال النجاح في حياتي ، والفوز بعد مماتي .
-------(لاتحزن)-------------(يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) ، كل من سلك هذه الجادة حصل على هذا الفوز . ( وتوكل على الحي الذي لا يموت) : وما سواه فميت غير حي ، زائل غير باق ، ذليل وليس بعزيز .
------(لاتحزن)--------------لا تـــحــــزن
وأكثر من الاستغفار ، فإن ربك غفار " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا " .
--------(لاتحزن)------------من الذي يفزع إليه المكروب ، ويستغيث به المنكوب ، وتصمد إليه الكائنات ، وتسأله المخلوقات ، وتلهج بذكره _الألسن وتؤلهه القلوب ؟
إنه الله لا إله إلا هو.
وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء والسراء والضراء ، ونفزع إليه في الملمات ونتوسل إليه في الكربات وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين ، حينها يأتي مدده ويصل عونه ، ويسرع فرجه ويحل فتحه ﴿ أمن يجيب المضطر إذا دعاه﴾.
--------(لاتحزن)------------الله
الجلال والعظمة والهيبة والجبروت
مهما رسمنا في جلالك أحرفا ** قدسيةً تشدو بها الأرواح
فلأنت أعظم والمعاني كلها ** يـا رب عند جلالكم تنداح
--------(لاتحزن)------------لا تـــحــــزن
فإن هناك أسبابا تسهل المصائب على المصاب
من ذلك :
1- إنتظار الأجر والمثوبة من عند الله " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " .
2- رؤية المصابين من حولك .
3- إن المصيبة أسهل من غيرها .
4- أنها ليست في دين العبد .
5- إن الخيرة لله رب العالمين " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم .... " .
--------(لاتحزن)------------لا تـــحــــزن
لأنك تقلق أعصابك ، وتهز كيانك وتتعب قلبك وتسهر ليلك
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ** ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ** فرِجت وكان يظنها لا تفرج
---------(لاتحزن)-----------لا تـــحــــزن
ولا تراقب تصرفات الناس فإنهم لا يملكون ضرا ولا نفعا ، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ولا ثوابا ولا عقابا ،، وقديما قيل : من راقب الناس مات هما .
--------(لاتحزن)------------لا تـــحــــزن
على ما فاتك ، فإنه عندك نعما كثيرة ، فكر في نعم الله الجليلة ، وفي أياديه الجزيلة ، وأشكره على هذه النعم ، قال تعالى " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " .
--------(لاتحزن)------------لا تـــحــــزن
إن كنت فقيرا فغيرك محبوس في دين ، وإن كنت لا تملك وسيلة نقل فسواك مبتور القدمين ، وإن كنت تشكو من آلام فالآخرون مرقدون على الأسرة البيضاء ، وإن فقدت ولدا فسواك فقد عددا من الأولاد في حادث واحد .
-------(لاتحزن)-------------قطوفها دانية ، عيونها جارية ، سررها مرفوعة ، أكوابها موضوعة ، نمارقها مصفوفَة ، زرابيها مبثوثة ، تم سرورها ، عظُم حبورها ، فاح عرفها ، عظم وصفها ، منتهى الأماني فيها ، فأين عقولُنا لا تفكر ؟! ما لنا لا نتدبر ؟!
---------(لاتحزن)-----------قال بعض الحكماء : العاقل يتعزى فيما نزل به من مكروه بأمرينِ :
أحدهما : السرور بما بقي له .
والآخر : رجاء الفرج مما نزله به .
--------(لاتحزن)------------سعادة الصحابة بمحمدِ صلى الله عليه وسلم
لقد جاء رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى الناسِ بالدعوة الربانية ، ولم يكن له دعاية من دنيا ، فلم يلق إليه كَنز ، وما كانتْ له جنَّة يأكل منها ، ولم يسكن قصراً ، فأقبل المحبون يبايعون على شظف من العيشِ ، وذروة من المشقة ، يوم كانوا قليلا مستضعفين في الأرضِ يخافون أن يتخطفهم الناس من حولهم ، ومع ذلك أحبه أتباعه كل الحبِ .
--------(لاتحزن)------------الجاهل يجزع في محنتِهِ بأمرينِ :
أحدهما : استكثار ما أوى إليه .
والآخر : تخوفه ما هو أشد منه .
--------(لاتحزن)-----------« الإقبال على الله تعالى ، والإنابة إليه ، والرضا بهِ وعنه ، وامتلاء القلب من محبته ، واللهج بذكره ، والفرح والسرور بمعرفتِه ثواب عاجِل ، وجنة ، وعيش ، لا نسبة لعيشِ الملوكِ إليه ألبتةَ » .
---------(لاتحزن)-----------العزلة الشرعية السنية : بعدك عن الشر وأهله ، والفارغين واللاهين والفوضويين ، فيجتمع عليك شملك ، ويهدأ بالك ، ويرتاح خاطرك ، ويجود ذهنك بدرر الحكم ، ويسرح طرفك في بستان المعارف.
--------------------أيها المصابون ما فات شيء وأنتم الرابحون ، فقد بعث لكم برسالة بين أسطرها لطف وعطف وثواب وحسن اختيار. إن على المصاب الذي ضرب عليه سرادق المصيبة أن ينظر ليرى أن النتيجة ﴿ فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ﴾ ، وما عند الله خير وأبقى وأهنأ وأمرأ وأجل وأعلى .
---------------------------------------------------------------