بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( أصحاب الجنه .. البستان )
إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِين َ
هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه تَعَالَى لِكُفَّارِ قُرَيْش فِيمَا أَهْدَى إِلَيْهِمْ مِنْ الرَّحْمَة الْعَظِيمَة وَأَعْطَاهُمْ مِنْ النِّعْمَة الْجَسِيمَة وَهُوَ بَعْثَة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَابَلُوهُ بِالتَّكْذِيبِ وَالرَّدّ وَالْمُحَارَبَة وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ" أَيْ اِخْتَبَرْنَاهُمْ " كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَاب الْجَنَّة " وَهِيَ الْبُسْتَان الْمُشْتَمِل عَلَى أَنْوَاع الثِّمَار وَالْفَوَاكِه " إِذْ أَقْسَمُوا لِيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ " أَيْ حَلَفُوا فِيمَا بَيْنهمْ لَيُجَذُّنَّ ثَمَرهَا لَيْلًا لِئَلَّا يَعْلَم بِهِمْ فَقِير وَلَا سَائِل لِيَتَوَفَّر ثَمَرهَا عَلَيْهِمْ وَلَا يَتَصَدَّقُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ .
وَلَا يَسْتَثْنُونَ أَيْ فِيمَا حَلَفُوا بِهِ
فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ وَلِهَذَا حَنَّثَهُمْ اللَّه فِي أَيْمَانهمْ فَقَالَ تَعَالَى " فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِف مِنْ رَبّك وَهُمْ نَائِمُونَ " أَيْ أَصَابَتْهَا آفَة سَمَاوِيَّة.
فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ
قَالَ اِبْن عَبَّاس أَيْ كَاللَّيْلِ الْأَسْوَد وَقَالَ الثَّوْرِيّ وَالسُّدِّيّ مِثْل الزَّرْع إِذَا حُصِدَ أَيْ هَشِيمًا يَبِسًا . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم ذُكِرَ عَنْ أَحْمَد بْن الصَّبَّاح أَنْبَأَنَا بِشْر بْن زَاذَان عَنْ عُمَر بْن صُبَيْح عَنْ لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَابِط عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِيَّاكُمْ وَالْمَعَاصِي إِنَّ الْعَبْد لَيُذْنِب الذَّنْب فَيُحْرَم بِهِ رِزْقًا قَدْ كَانَ هُيِّئَ لَهُ " ثُمَّ تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِف مِنْ رَبّك وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ " قَدْ حُرِمُوا خَيْر جَنَّتهمْ بِذَنْبِهِمْ .
فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21)
أَنِ اغْدُوا عَلَى? حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22)
فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23)
أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24)
وَغَدَوْا عَلَى? حَرْدٍ قَادِرِينَ (25)
فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27)
قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28)
قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29)
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى? بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30)
قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31)
عَسَى? رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى? رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32)
كَذَ?لِكَ الْعَذَابُ ? وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ? لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)
كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
قَالَ اللَّه تَعَالَى " كَذَلِكَ الْعَذَاب " أَيْ هَكَذَا عَذَاب مَنْ خَالَفَ أَمْر اللَّه وَبَخِلَ بِمَا آتَاهُ اللَّه وَأَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ وَمَنَعَ حَقّ الْمِسْكِين وَالْفَقِير وَذَوِي الْحَاجَات وَبَدَّلَ نِعْمَة اللَّه كُفْرًا " وَلَعَذَاب الْآخِرَة أَكْبَر لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " أَيْ هَذِهِ عُقُوبَة الدُّنْيَا كَمَا سَمِعْتُمْ وَعَذَاب الْآخِرَة أَشَقّ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيث رَوَاهُ الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيق جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْجِذَاذ بِاللَّيْلِ وَالْحَصَاد بِاللَّيْلِ .
ملاحظه : شكر النعم مهم جداً .. وأن تكفير النعم مبغوض مبغوض مبغوض .. فالحمدلله على كل النعم مهما كانت قليله فإن بالشكر الزياده وماعند الله خير وأبقى والله هو الرزاق ويستطيع أن يمحو الرزق في الدنيا وهو عذاب الدنيا نعوذ بالله مما يغضب الله وقد يكون رحمة للإنسان العاصي لأنه لن يرجع عن عصيانه إلا بهذا الابتلاء وقد يكون ابتلاء للمؤمن فإن رضي بقضاء الله فله الرضى وهذا الإيمان بالقدر خير وشره .. والله أعلم